كيف يوشك السنيورة على سرقة بنك مركزي دون أن يحاول حقاً؟
كتب خليل يوسف بيدس في "Middle East Transparent":
عادت النخبة المالية في لبنان ـ التي تتمتع بكل الحكمة المالية التي يتمتع بها بحار مخمور في إجازة على الشاطئ ـ إلى الواجهة. ومن يقود الهجوم؟ لا أحد غير فؤاد السنيورة، الساحر المالي الذي ساعد في استحضار كومة الديون الضخمة في لبنان، وهي خطة بونزي جريئة إلى الحد الذي جعل حتى برني مادوف يدون ملاحظاته.
لقد نفض السنيورة، المعلم الماهر في الخداع المالي، الغبار عن كتابه القديم. وما هي آخر حيله؟ إنها هندسة اختيار محافظ البنك المركزي اللبناني القادم من خلال الدخان والمرايا وخفة اليد المعتادة. ومن الذي شارك في هذه الرحلة؟ للأسف، رئيس الوزراء نواف سلام، الذي فاجأه السنيورة وعصابته المرحة من المخططين، بما في ذلك "الخبيث الاقتصادي" المعين حديثاً، في مهمة سرية تتمثل في اختيار الحصان المثالي لهذا السباق، جهاد أزعور.
الآن، لا يتعلق الأمر فقط بزرع وجه ودود في كرسي الحاكم. كلا، كلا. هذه عملية سطو سياسي مزدوجة. أولاً، يحاول السنيورة ورفاقه السابقون في الدولة المالية العميقة مرة أخرى إخراج رئيس الجمهورية من العملية، مدعين ـ دون أدنى قدر من السخرية ـ أن رؤساء لبنان الموارنة هم من الحمقى الماليين ـ وغالباً ما يكونون من جنرالات الجيش ـ غير مؤهلين للتدخل في شؤون البلاد المالية. (لأن فؤاد قام بعمل رائع بنفسه). لقد فعلوا ذلك مع كل رئيس منذ اتفاق الطائف. ثانياً، مع تأرجح القطاع المصرفي على حافة الهاوية النارية، فإن الرجل الذي يتولى قيادة البنك المركزي سوف يكون أحد صانعي القرار بشأن مستقبل القطاع. وإذا كنت تعتقد أن فؤاد وأصدقاءه يخططون لإلقاء هذا الحبل إلى الشعب اللبناني بدلاً من أصدقائهم المصرفيين ـ سواء كانوا من أصحاب البنوك الحاليين أو في المستقبل ـ فإنك سوف تصاب بالهلوسة.
لقد كانت السياسات المالية في لبنان على مدى عقود من الزمان عبارة عن فوضى مأساوية هزلية، مكتوبة في أغلبها بلغة السنيورة، وهي اللغة التي تعني فيها كلمات مثل "الاستقرار" و"النمو" في واقع الأمر "تأجيل ذلك إلى أجل غير مسمى بينما تملأ جيوب أصدقائك بالمال". وعندما كان وزيراً للمالية، كان السنيورة رائداً في فن بيع سندات الحكومة اللبنانية بأسعار فائدة ربوية إلى الحد الذي كان يثير خجل حتى المرابين في القرن التاسع عشر. ولا ينبغي لنا أن ننسى أنه عمل جنباً إلى جنب مع رياض سلامة، الذي أدار البنك المركزي وكأنه كازينو فاشل لا يتوقف عن مضاعفة أرباحه.
والآن ننتقل إلى اليوم، وها نحن مرة أخرى. ولكن هذه المرة لا يكتفي السنيورة بالتخطيط في الخفاء ــ بل إنه يستهدف مباشرة غرفة التحكم. إن مقعد حاكم البنك المركزي، الذي يشغله تقليدياً شخص من الطائفة المارونية، يشكل أهمية كبرى. إن هذا هو آخر منصب مالي كبير لم تسيطر عليه مؤسسة السنيورة بعد، نظراً لأن وزارة المالية أصبحت بالفعل في أيدي الشيعة، ولجنة الرقابة على البنوك هي إقطاعية سنية أخرى. لذا، فمن الطبيعي أن يرغب السنيورة في التأكد من أن الخيط الرفيع الأخير المتبقي من الرقابة المالية في هذا البلد يقع في قبضته، وبعيداً عن يد الرئيس. إن هذا يشكل بداية طيبة لحكومة "الإنقاذ الوطني والإصلاح".
ولنتحدث عن المرشح الأوفر حظاً المفترض لهذا المنصب، والذي اختاره السنيورة ورعاه في وزارة المالية لعقود من الزمان، قبل أن يتولى مؤقتاً منصباً مريحاً في صندوق النقد الدولي. وإذا كان سجله السابق يشكل أي مؤشر، فإن نهجه في التعامل مع الأزمة الاقتصادية في لبنان سوف يكون مبتكراً مثل استخدام العلق لعلاج جرح ناتج عن طلق ناري. تحت قيادة السنيورة و"إرشادات" تلميذه، تضخمت ديون الدولة اللبنانية مثل عربة عيد الشكر، وتحول البنك المركزي إلى مخطط متقن للحفاظ على وهم الاقتصاد السليم في حين اختفت الأموال العامة بسرعة أكبر من الوعود التي يطلقها أي سياسي في حملته الانتخابية. لذا، فمن الطبيعي أن يبدو أزعور الرجل المثالي لمواصلة تقليد إشعال الحرائق المالية.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|